(( منـاجـاة روحـين في العـالم الأخـر))
قصة من نسج الخيال
نسجت الكاتبة أحداث هذه القصة الخيالية عن مناجاة روح زوجين في الآخرةعشقا بعضهما بدرجة شديدة في الحياة الدنيا لدرجة أنه خيل إليهما استمرار حبهما معا في الآخرة حيث تلاقت روحيهما بعد ذلك في العالم الآخر, وقد بدأت القصة باكتشاف روحها لروحه في العالم الآخر, ثم وقع المفاجأة على روحهابانها قد غادرت فعلا الحياة الدنيا ,حيث لم تكن روحها قد أدركت بعد ذهابها للعالم الآخر , وبهذا تعبر القصة عن عظمة الحب بين الزوجين العاشقين لدرجة امتداده معهما الي الحياة الأخري.
أستيقظت اليوم من نومي فإذا أنا علي سرير خشبي صنع من سعف النخيل متقون الصنع, ونظرت حولي فإذا بصخور كبيرة قد رصت فوق بعضها تعلوها ثلاث نوافذيحيط بهاعشب أخضرو بداخلها زهور بيضاء صغيرة جدا رائحتها فواحة تعبق المكان وكانت السماءترىمن خلا ل النوافذ زرقاءاللون والهدوءيسكن
المكان , ثم نظرت خلفي فاذا بقنديل جميل مصنوع من بقايا قشورجوز الهند وحوله أعواد تنبعث منها رائحةالعود والصندل كما كان هناك ضوء خافت في أرجاءالمكان ثم نظرت تحت السرير فاذابعشب أخضر رائحته مثل النعناع الأخضروكان السرير مغطي بسعف أخضر ويتدرج في اخضراره ثم فوجئت بوجود شخص ينام بجانبي في هدوء وسكينة وحملقت فيه, فبدا لي كما لو أنني كنت أعرفه وعشت معه من قبل و كانت تعلوشفتاه ابتسامة وعيناه مفتوحتان قليلاحيث كان يرى بؤبؤ عينيه يتحرك بداخلها, وفي الوهلة الأولى خيل لي أنه ينظرإلي مبتسما وهناشعرت بحيرة شديدة وتسائلت أين أنا ؟ومن أكون؟ فأنا لم أري ذلك المكان من قبل وترى من يكون ذلك الشخص الذي يرقد بجانبي ؟ وهنا دفعنى فضولى لأن أدقق فيه أكثر فرأيت في معصمه سلسلة بيضاء وفي إصبعه خاتم وفي رقبته خيط أسود في وسطه قلادة ملصق عليها صورة امرأة لم أتحقق من ملامحها من تكون؟ وكان يلبس ثوبابسيطاوهنا تزايدت حيرتي فتسائلت في نفسي رباه. أين أنا الآن؟ وبيت من هذا؟وكيف أتيت الي هنا ؟ ثم اقتربت من النافذة التي بين الصخور حيث كانت الصخور جميلة و تميل إلي الزرقة والحمرة والبياض وتم ترتيبها بأتقان ثم نظرت من النافذة فكانت المفاجأة حيث وجدت نفسي في وسط بحيرة ذات مياه صافية وأمواج هادئة وكان لون الماء بلون السماءوكأنهما في عناق جميل فيصعب التفرقة بينهما ثم اتجهت الي باب المدخل فاذابسور يمتد بعيدا وقد صنع من أعواد الخيزران وفي نهايته جزيرة خضراءرأيتها من مكاني بعيدة نوعا ما .وهنا أردت أن أكتشف أين أنا ومالذي أتى بي الي هنا فاتجهت إلي السور,فإذا به يتحرك ويميل يمينا ويسارا فبدالي و كأني أسقط من عل الي النهر فصرخت وخفت ووقعت علي الأرض بجوارالسور, وحين أفقت من مفاجأة سقوطي رأيت نفس الشخص واقف أمامي وقد خاف علي ويريد حملي ,وللحظة خفت منه, وحين تأرجح السورتمسكت بذلك الشاب فحملني ومشي بي الي الجزيرة وأنا أجول بنظرى إليه تارة و الي الجزيرة تارة أخرى , وبعد برهة وصلنا إلي الجزيرة فأنزلني في صمت ولم يتفوه بأى كلمة. وهنا تسائلت: ماهذاالسر الغامض ؟وأين أنا الآن؟
وتركني وغابللحظات ثم أتى ببعض الفواكه وأجلسني بقربه وبدأ ينزع قشورها ويطعمني وهو يرمقنى بنظراته وكان حين تتلاقى عينانا يبتسم فأخجل منه. وبعد الأكل رقدووضع ذراعه تحت رأسه وتمدد قليلا ثم نعس ونام . ووقفت أتطلع لأكتشف المكان فإذا هوأكثر من رائع وجميل جداحيث لم أرى قط مثل هذه الأشجار اليافعة الباسقة من قبل , وكانت نسمات الرياح باردة تحرك أوراق الأشجارفتأخذها ذهابا وإيابا وأنا واقفة تحتها ,وفجأة هبت ريح عاتية فأسقطت كل الورد والزهرالذي كان علي الشجرة ونظرت الي قدماى فلم أراهما من كثرة ما سقط عليهما وغطتهمامن الفل والأزهار فسعدت وأصبحت ألهو كطفلة ترفع الزهور من الأرض ثم تضعها علي رأسها حيث تتعالي ضحكاتها فاستيقظ الشاب علي ضحكاتي ثم اعتدل وجلس يضحك معى وأنامندهشة من ضحكاته لدرجة أني نسيت أني أضحك وأنا أنظرإليه كيف يضحك ,وبعدها مد يده وكأنه يقول لي من يكون ولما قربت من يده شدني فجأة بين ذراعيه وكان سعيدا جدا وهنا نظرت الي وجهه وقلت من أنت؟ ومن أنا ؟وأين نحن؟ فلم ينطق الا بكلمة واحدة ,أنت حبيبتي! فقلت وأنت من تكون ؟ فقال: أنا زوجك. فقلت :زوجي؟ إذا فأنا أعرفك ! ولكن أين نحن؟ فأبتسم وتمدد مره اخرى علي العشب فوضعت يدي تحت خدي والأخري تحت رأسي أتأمل المكان وإذابالنوم فجأة قد غلبني ولا اعلم كم من الوقت نمت ثم استيقظت علي صوت حشرات صغيره تحدث صوتا فقمت فزعة وكان المكان مظلما وكنت خائفة ثم نظرت الى السماء فإذا بقمر كبيرا جدا أدهشني حجمه حيث لم ارى قمرا كبيرا مثله من قبل هكذا وازداد فزعي فاذا بيدتلمس معصمي فصرخت ووجدت نفسي فجأة بين أحضانه فقلت له إنني خائفه. فقال لا لا تخافي ياحبيبتي فأنا معك. وكان المكان برغم أنه جميل إلا أنه كان مفزعا في الظلام , ثم سألته : هل أنت أيضا خائف؟ فقال مرة ثانية : لالا تخافي يا حبيبتي فأنا ما زلت معك كماأنني أألف هذا المكان. ثم قال لننهض ونذهب إلي بيتنا , فانفلت من بين أحضانه وحين لمست قدماي الأرض أحسست بالحشرات فصرخت مرة أخري إنني خائفة ولاأستطيع المشي في الظلام فحملني بين ذراعيه ومشي بي إلي السور حيث كان السور يتمايل يمينا ويسارا وكنت ألف ذراعي حول عنقه ثم دخلنا الي بيتنا
وهناعاودت الي سؤاله: اين نحن ؟ فأجاب في القمر.فاردفت: وما هذا القمر الكبير؟ فاجاب :إنها الأرض . فسألته: كيف أتينا اليه ؟ فأجاب: أنا أتيت بك الي هنا فأنا أحبك وأريدك لي لوحدي ولا أريد أن أري أحدا سواك وأتمني أن أصحو وأنام وأجدك بقربي وآخر شئ أريد رؤيته هو أنت و أتمني أن أبدأ يومي الجديد برؤيتك أيضا فقلت: وكيف لنا ان نعيش بمفردنا هنا ؟ فقال: هنا لن تعاصري أي قهر أو مشكلة كما وأنه لا يوجد أي نفاق أو كذب ولا أي نوع من التعاسة ولقد هيأت قمري والمكان بحيث يمكن أن نعيش بمفردنا فلا ينقصنا هنا أي شئ . فقلت: وهل تعرف اسمي؟ فقال: بلا, فاسمك هو حبيبتي, فقط حبيبتي , فقلت
: ولكن ما كان اسمي على الارض؟ فقال: يا روحي وكياني منذلحظة ولا دتك, كنت أسميكى صغيرتي وعندما كبرت قليلا أطلقت عليكي اسم فؤادي وعندما كبرتي أكثر أسميتك عندئذ نور حياتي وعندما تزوجتك أصبحت حبيبتي الدائمة. فقلت له: كم هو جميل أن تناديني هكذا ولقدبدأت أئتلف بك , فضحك ثم قلت له: أنا أحس معك بطمأنينة وراحة , ولكن مهلا فأنا لا أتذكر حياتي الماضية , ولكن قل لي ..وأنت, ما اسمك؟ فقال: أسميني أنت .فبم سوف تسمينني؟ فقلت سأسميك سراجي, فقال: ومعها قولي حبيبي سراجي حبيبي هو اسمك من الآن فسألني :ولكن لم سميتني سراجي؟ فقلت :لأني رايت النور من خلالك و لولا ك لمت فزعا, فقال :لا تقولي هذا فانا نورك وحياتك وسعادتك فأنا أسعد فقط لإسعادك كما لا أسعدإلا بوجودك ! أنت بالكاد تتذكرين في حين أني أعرفك منذ عصور .فقلت ولكن أين كنت أنا طوال هذه المدة ؟ فقال: لقد كنت معي بقربي دائماولكن! وهنا تغيرت تعابير وجهه وظهرت المعاناة فيه . ولاحظت أنا هذا علي الفور فسألته: ولكن ماذا ؟ فقال ولكن لم أستطع جعلك بقربي. فسألته:و لم؟ فقال لأن الأرض لهانظام وقواعد وقوانين هزمتني وقهرتني وباعدت
بيننا فلم أحس للحياة طعم بدونك ومن ثم صعدت الي القمر وأتيت بك الي هنا حيث لايوجد قهر لكي أعيش معك فانت الحياة بالنسبة لي .فقالت: أريد أن أتذكر هل كنت أحبك مثلك ؟ رد : نعم ,فأنت التي علمتني الحب وما معناه وما كانت حياتي قبلك .فقلت: لقد كان قلبي يعرفك ولكني الآن لست قادره علي التذكر .فقال سأجعلك تتذكرينى وتتذكري كيف كنت تحبينني وكيف تعذبت بدوني فلقد كنت يومك وغدك وكنت ملا كي فلم يحبني احدا قبلا مثلك, كما كنت العين الساهرة علي راحة قلبك النابض في داخلك كماوأن كل أفراحك وابتساماتك كان لا يحلو لك المكان ولا الزمان بدوني وبدون وجود نصفك الآخر المكمل لذاتك ولوجودك هل تذ كرت حين كنت أتألم و تكون عيناك اللتين تدمعان وقت أن يتعب جسدك وحين كنت أفرح كانت شفاهك تبتسم قبلي فلقد كنت تحبينني بقلبك قبل عي**** و كنت مثل أم ترعي وليدها وأخت تفديه بروحها فلا تهمك الدنيا وما فيها في سبيل إسعادي . فقلت: هل تعلم ؟ إنني أحس بكل كلمة تقولها, أحسهابقلبي كما لو إنني فعلا عشتهاولكن الصورة غير واضحة الآن في ذاكرتي , ثم ماذا بعد ؟ فقال: الذي بعده كان مؤ لما جدا. فقلت: لماذا؟ فأجاب : لأني بعدت عنك وفقدتني لفترة, ثم أدمعت عيناه, فقلت : لماذا؟ وماذا جري؟ فقال: بعد أن بعدت عنك عرفت ...( ثم تلعثم وتعسرت الكلمات في فمه ).. عرفت من انت ؟وكيف تكوني لي ؟وما مقدار حبك لي بعد بعادي عنك ؟. فلقد تعذبت كثيرا لدرجة الجنون ومرضت ودخلت في غيبوبة عجز الاطباء عن تشخيص سببها وشفائك منها كماعجز الأهل في أن يروا لمحة أمل في بقائك وخروجك منها وطالت الغيبوبة ولذلك لم تتذكري شيئا أثنائها و بقيت جسدا بلا روح. فقلت: وأهلي , ألم يبحثوا عني؟ فقال: لقد يئس أهلك في أن تعودي إليهم بروحك. فسألني ,و لكن هل تريدين أن تذ هبي اليهم الآن؟ فقلت :لا أعلم فقد بدوا لي كالغرباءفأنا لا أعرف أحدا سواك الآن و من ثم أخاف العالم كما و أني لا أريد أن أذهب لمجهول لا أتذكرسابقه معك ولكن هناك شئ أحسه وأخافه الا وهوألم فقدك مرة أخري لأني أحسست من كلا مك انني تعذبت كثيرا فلا أريد أن أحبك ثم أفقدك مرة أخرى ! فأقبل عليها والدموع تملأ عينيه وهو يقول: لالا تقولي هذا يا حبيبتي فأنا لا أستطيع الآن أن أعيش بدونك فأنت تمثلين كل ما أملك ولقد تركت كل شئ من اجلك.
فقلت :و لكن قل لي كيف أتينا هنا الي القمر؟ فقال: أرجوك لا تسألي أكثرلأن هذا يعذبني. فقلت: ولكني معك الآن! فقال: ولكني أموت مرارا في كل لحظة تبعدين فيها عني. فقلت: ماذاتقصد؟ ألسنا احياء ؟ ثم جهشت بالبكاء. فقال :لم تبكين ؟أنا معك الآن و لن أتركك ولن نفترق .ثم حضنها وهو يبكي ثم قال :لقد حدث مسبقا أن تركتك مرارا بسبب بعض الخلافات البسيطه وكان الغروروقتئذ يسكنني وأنا أتركك ولكني كنت أحس بعدها أنني لا أستطيع أن أعيش بدونك فكنت أعود بسرعة إليك مرة أخري ولكن في المرة الأخيرة كنت أنت التي تركتني, فقلت: كيف أتركك وأنا أحبك ؟ فقال: لقد تركتني بروحك بعدماأصبحت جسد بلا روح و كنت أتابعك عن بعد ولكن لم أتفهم شدة معاناتك وقتئذ والتي كان يمكن أن تكون السبب في إبعادك عني الي الأبد و من كثرة ما تألمت أصبحت أنا أيضا مريضا وحين سمعت صراخ ونواح أسرتك كسرني غروري
وأسرعت إليك فإذاهم مذهولين من إفاقتك حيث كنت تنطقين كلمة واحدة: إرجع وعود إلي. ولقداقتربت منك فأمسكت بيدي وقبلتها وقلت: لقد كنت موقنة أشد اليقين بأنك سوف تعود .وهنا سألتني: كم من الوقت مضي علي في غيبوبتي وهل أنت بخير؟. وهنا لم أتمالك نفسي ثم بكيت ,فسألتني: لم تبك؟ ثم أردفت: لا تبك ياحبيبي ثم أمسكت بيدي ووضعتها تحت خدك وقلت: الآن فقط أحس بالطمأنينة فأنت حبيبي. ثم أغلقت عيناك وأصبح جو المكان مكتئبا ثم علت الصرخات بالبكاء والنحيب فملأت أرجاء المكان فلقد غادرت هذه المره للأبد وتركتني وحيدايا حبيبتي وعندئذ بدأت أسحب يدي من يدك وهي تحت خدك ففوجئت أن يداك لا تريدان ترك يدي وهنا لم أتمالك نفسي وانخرطت رغما عني في بكاء ونحيب شديدين.ولم أملك سوى الندم علي مافات في وقت لا ينفع الندم فيه وعندما حملت جسمانك أحسست أن قدماي لاتقويان علي حملي وعند آخر رشة ماء علي قبرك فقدت وعيي ولم أفق إلا وأقاربي حولي .. ورغما عني أصبح ذكراك أشد آلامي وأقساها لدرجة أنني كرهت حياتي وازداد مرضي فقررت أن لا أفتح عيني إلا علي رؤياك هنا في الآخرة .وانتهيت من دنياي حيث أتيت إليك هناإلي عالمنا الأبدي هذا حيث لم ولن يفرقنا شئ .فرددت علي: وأنا أيضا أحبك وسأظل معك لأبد الآبدين
فأصبحابهذا روحين في السماء
كلما نظرنا إلي القمر أحسسنا بوجودهما زوجين وحبيبين أبديين
ودمتم